تشابهت القصص والمآسي على سكان الحديدة، وسمات البؤس منها لا تخلو من أي قصة على اختلاف الأشخاص ومكان سكنهم، إذ أشبعت المليشيات الحوثية الأرض ألغامًا، لتنفجر فجأة بالعابرين على قارعة الطريق، فتحول الأجساد إلى أشلاء بسرعة الضوء، وأرواح ممزقة تنزف دمًا و تعرج إلى السماء بغير عودة، إنها زراعة الموت، ووأد للإنسانية والحياة في قبو الإرهاب الحوثي، إنهُ تخصيب لدمار في أرضٍ عرفت بالحياة والسلام.
(بشير محمد سليمان ) من أبناء قرية الحويط في منطقة موشج التابعة لمديرية الخوخة، لقد حفظت قدماه الطريق، من فرط مروره عبرها، إذ يجوبها منذ بزوغ الشمس صباحًا وحتى غروبها عند المساء لدرجة أنه من الممكن أن يمر عبرها معصوب العينين دون أن يراوده شكًّا بإحتمالية السقوط ، لم يخيل له للحظة أنه سيلقى حتفه يومًا ما على تلك الطريق التي يحفظها عن ظهر قلب، ولكن ما حدث له كان عكس ذلك تمامًا، إذ تربّص به الموت فجأة جراء انفجار لغم حوثي سقط على إثره قتيلًا دون حراك.
تتحدث ( نعمة مقبل راجح ) بلسان الأم قائلة : محمد هو ولدي البكر وهو المتكفل بتأمين لقمة العيش ومسلتزمات الحياة لنا، خرج ذات يوم من المنزل لثلاث مرات وعاد سليماً، وفي المرة الرابعة لم يعد لقد كان ذلك الخروج الأخير، إذ انفجر به لغم حوثي في طريق عودته وأرداه قتيلًا.
بقلب مفطور بالحزن وفؤاد ممزق وروح متعبة تضيف الأم : بعد دوي الانفجار هرع الناس إلى مكان مصدر ذلك الصوت المفزع، وبعد أن تعرفوا على الضحية أتى الناس إلينا قائلين الحقوا ولدكم..! وتواصل حديثها، ذهبنا على وجه السرعة فوجدنا كل عضو من أعضائه مفصول عن الآخر، جمعت الأشلاء المتناثرة في سلة ثم قمنا بدفنها.
وتضيف كل ما حدث لنا بسبب مليشيات الحوثي، التي عذبتنا، صمت عم لوهلة لا يتعدى الثانية، تنهيدة عميقة، لم تتمالك الأم نفسها وهي تتحدث عن تفاصيل ما حدث لفلذة كبدها، طغت الفطرة فأهجشت بالبكاء وذرفت العيون دموًعا من فرط الكمد الذي غزى قلب تلك الأم بعد فقدان ابنها.
وتعد منطقة موشج من أكثر المناطق التي تعاني آلاف المآسي المماثلة التي تدمي القلوب، والتي صنعت بفعل الألغام الحوثية، إذ فتكت الألغام بأرواح الأبرياء العزل من المدنيين،؛ قضت على الأحلام، وجلبت الدمار، ونشرت البؤس المحض بين صفوف المواطنين، وكذلك الحال في مختلف قرى ومدن محافظة الحديدة.
/ المركز الإعلامي لألوية العمالقة