قبل ما يربو على أربعة أعوام، وفي وقت كان (عبد الرزاق) مداوماً في مكتبه، داهمت مليشيات الحوثي المبنى بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، وعبثت بمحتويات المكتب واقتادته إلى سجونهًا ملفقة له التهم الجاهزة، وظل فيها مع الجلاد الذي لا رحمة فيه، محرومًا من علاجه الذي يجب أن يتناوله يومًا، بعيدًا عن أسرته التي لا تعلم عنه شيء، منذ أكثر من سنة على اعتقاله، كما هو لا يعلم شيئاً عن حالهم، بعدها تم إخضاعه لقانون الغاب الحوثي.
وهذا ليس محض حكاية منسوجة من الخيال، وإنما قصة يرويها المعتقل (عبد الرزاق أحمد سالم جابي) أحد أبناء مديرية التحيتا التابعة لمحافظة الحديدة، وهو محاسب في مؤسسة إدارة المياه بالمديرية، يعاني من مرض السكري، وكان مثله كأي موظف يذهب لمزاولة عمله ويؤدي واجبه الملقى على عاتقه، كما أنها قصة من بين آلاف القصص التي صنعتها مرارة الظلم التي يمارسها الحوثيين بحق المدنيين الأبرياء.
بعد أن رأى النور في صفقة تبادل الأسرى التي أشرفت عليها اللجنة الدولية للصليب الأحمر يقول (عبد الرزاق) في تصريح مصور: تاريخ اعتقالي من قبل مليشيات الحوثي كان 2017/2/4 عندما وصل طقم عسكري يحمل مجموعة من عصابة الحوثي وداهمت مكتب مشروع مياه التحيتا، وانا كنت أعمل على برنامج الحسابات داخل مكتبي أثناء فترة الدوام، وقاموا بالعبث بكافة محتوياته، ثم اخذوني على متن الطقم ليتم احتجازي في إدارة أمن المديرية ليوم كامل، وبعدها وصلت سيارة تتبع الأمن السياسي في الحديدة، واستلمني المدعو (محمد العميسي) مسؤول بالأمن السياسي وتم نقلي إلى مدينة الحديدة ومن هنا بدأت القصة.
مسح (عبد الرزاق) قطرات العرق التي تجمعت على وجهه وهو يتذكر تفاصيل تعذيبه وأردف قائلًا: كالوا لي الاتهامات وحققوا معي باستخدام وسائل تعذيب منها؛ التعليق، والضرب، والشتم والإساءة، وبعد ثلاثة أيام انتهى التحقيق، حينئذ أوقفوا عني العلاجات حيث أنني أعاني من مرض السكري، وخلال خمسة وأربعون يومًا لم أحصل على حقنه واحدة، وهي الفترة التي عشتها في سجون الحديدة، ومن حسن الحظ أنني صادفت أحد المعتقلين وهو موظف بالنبك المركزي اليمني كان يستخدم العلاج الذي استخدمه، وكان يدخل العلاج عن طريق زوجته، وكنتُ أتقاسمه معه، أما بالنسبة للأمن السياسي فرفضوا أن أحصل على هذا العلاج أو يذهبوا بي للمستشفى.
ويواصل سرد تفاصيل قصته: بعد ذلك نقلوني إلى صنعاء وتم إيداعي في سجن الأمن السياسي بحدة، لمدة خمسة وأربعون يومًا ورفضوا أن يسمحوا لنا بإجراء الاتصالات مع أهالينا، ثم نقلت إلى سجن شملان واستمرينا فيه، والميزة التي وجدتها أنه تم صرف علاج السكري. ويتابع بعد ذلك أراد الحوثيين أن أقول لقناة المسيرة كلام غير حقيقي، ورفضت، ومن ثمّ بدأوا يمارسوا عليّ الضغط والتعذيب النفسي لدرجة انهم يوهمونني باعتقال زوجتي.
ويكمل حديثه: قضيت ما يقارب عامين في سجن شملان وأعادوني إلى سجن حدة مرة أخرى حتى بدأت المحاكمة وأحالوني إلى النيابة واستمرت المحاكمة ست جلسات بدون محامين؛ حيث رفض القاضي (محمد مفلح) دخول المحامين الذين قمت بتوكيلهم، وكنتُ أتمنى أن يكون هناك تصوير لتوثيق ما كنا نقول للقاضي وماذا كان يقول لنا؛ فقد كان القاضي يهددنا كل شهر ويعلمنا بالحكم مسبقًا، ففي إحدى الجلسات قال لنا: بيننا الميدان، أي أنه سوف ينفذ علينا حكم الإعدام.
/ المركز الإعلامي لألوية العمالقة