قد توجد فوارق بين أعمار المسنة سبوت عباس مرشد، وأحفادها الأطفال مازن، محمد، عدي، رانيا، فاطمة، صفية، سونية، سيناء، لكن القاسم المشترك بينهم هو واقع الحال الإنساني المأساوي من الفقر والقهر والجوع والحزن الذي يخيم على ملامحهم الجافة جميعًا على حد سواء، تحت سقف من سعف النخيل وأعمدة من جذوع الأشجار.
داخل كوخ متهالك وسط قرية الحويط بمديرية الخوخة العاصمة المؤقتة لمحافظة الحديدة، تقطن المسنة (سبوت) بضيق المكان وبرحابة صدرها مع أحفادها الثمانية الذين فقدوا والدهم في سبيل البحث عن لقمة العيش؛ إثر انفجار لغم أرضي زرعته مليشيات الحوثي الدموية التي لا تعرف سوى لغة الموت.
تعود تفاصيل تلك الحادثة المؤلمة إلى ما قبل عام ونيف، حين ذهب رب الأسرة عبدالله حميد محمد أحمد، مع بزوغ الفجر إلى شاطئ البحر للصيد في ساحل موشج؛ كي يوفر قوت يسد به جوع امعاء عائلته التي كانت في انتظار عودته عند الظهيرة، كان هناك لغم أرضي حوثي قد دهس عليه عبدالله بخفة دون أن يراه، حتى أودى بحياته فورًا وصعدت روحه إلى السماء، مخلفًا ورائه ثمانية أطفال لا حول لهم ولا قوة وزوجة مكلومة وأم مسنة جار عليها الزمن ولا تزال تقاوم.
كم هائل من الألم ضجّت به تجاعيد وجه المسنة سبوت وهي تقول: ابني عبدالله ذهب إلى البحر يبحث لأولاده حق الغذاء ثم انفجر به لغم ولم نجده إلا مقطع ولكن الحمد لله على كل حال.
وتضيف بصوت شاحب مختلط بالقهر، أن سبب ذلك هو الحوثيين، فقد زرعوا الألغام في كل مكان، في الطرقات والخبوت ولم يكتفوا بالطرقات فقط، كما أن هناك الكثير ممن ماتوا بهذه الألغام. يتحدث الطفل الذي لم تفارق ذاكرته صورة أبيه، بعد أن حرم من حنان الأب قبل أن يعي معنى الحياة ومسؤولياتها الكبيرة، وفقد الطمأنينة التي كان يجدها بوجود أبيه قائلاً: أن الحوثيين قتلوا أباه وجعلوه مع إخوته يتاما، وأنهم حرموا من كلمة بابا وهم مازالوا أطفالاً.
ولم يعد لدى عائلة الشهيد عبدالله سوى عدد من الأغنام، ترعاهن المسنة سبوت وتربيهن رغم تقدمها في العمر وتعتمد عليهن في معيشتهم وتأمين المتطلبات الأساسية التي تبقيهم على قيد الحياة.
/ المركز الإعلامي لألوية العمالقة