الشبكة المدنية/ رصد ومتابعات
لم تمضِ سوى ساعاتٍ فقط على إعلان الإدارة الأمريكية البدء بإجراءات رفع اسم الحوثيين من الجماعات الإرهابية، حتى استأنفت الجماعة المدعومة إيرانياً في اليمن هجماتها على عدة مدن بينها سعودية، مخلفة ضحايا مدنيين.
ويهاجم الحوثيون بضراوة من أجل الاستيلاء على مأرب، المنطقة النفطية الغنية، والمركز الأكبر لمناوئيهم، ولا يكترثون لأرقام القتلى الذين يسقطون من صفوفهم، فيما يكثفون من قصفهم على الأحياء السكنية في الحديدة التي تقع تحت سيطرة الحكومة.
لم يتوقف الأمر عند ذلك؛ فالحوثيين واصلوا شن هجماتهم بطائرات مسيرة باتجاه السعودية، متجاهلين التحذيرات الأمريكية أيضاً التي قالت إنها ستحمي المملكة من أي هجمات ضدها.
هجمات لا تتوقف
يبدو أن القرار الأمريكي بالبدء بإجراءات رفع الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية المدرجة في وزارة الخارجية الأمريكية قد أعطت الضوء الأخضر للجماعة لتكثيف هجماتها.
في مأرب قتل العشرات خلال الأيام الماضية في تجدد الاشتباكات بين الحوثيين والجيش الحكومي، مع استمرار شن الحوثيين هجمات على مواقع الجيش في عدة جبهات.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد شنوا بصواريخ باليستية وكاتيوشا هجمات على الأحياء السكنية في مأرب وتعز والحديدة، أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين.
في ذات السياق أعرب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، في 9 فبراير 2021، عن قلقه البالغ من استئناف الحوثيين “الأعمال العدائية” في محافظة مأرب.
بدوره قال الناطق باسم الحكومة اليمنية راجح بادي، في تصريح لـ”الجزيرة” القطرية، إن جماعة الحوثي فهمت خطأ دعوات الإدارة الأمريكية لضرورة إنهاء الحرب في البلاد، فشنت هجوماً على مدينة مأرب التي تؤوي مليوناً و800 ألف نازح يمني.
هجمات على السعودية
وفي السعودية لم تتوقف هجمات الحوثيين الإرهابية على المدن، فقد أعلن تحالف دعم الشرعية، في 10 فبراير الجاري، تدمير طائرتين مسيرتين مفخختين أطلقهما الحوثيون باتجاه السعودية، وذلك بعد ساعات من تدمير طائرة خامسة.
ونقلت قناة “الإخبارية” السعودية الرسمية بياناً للتحالف قال فيه إن دفاعاته تمكنت من اعتراض وتدمير طائرتين بدون طيار مفخختين أطلقتهما “مليشيات الحوثي” باتجاه المملكة.
وقبلها بيومين أعلن التحالف اعتراض وتدمير 4 طائرات مسيرة مفخخة أطلقها الحوثيون باتجاه السعودية، ليصبح الإجمالي 7 طائرات في غضون أيام قليلة.
ويأتي هذا التطور بالتزامن مع دعوة وزارة الخارجية الأمريكية الحوثيين إلى وقف فوري لهجماتها ضد السعودية والداخل اليمني.
وكانت الخارجية الأمريكية قالت، في الـ5 من فبراير 2021، إنها بدأت بإجراءات إلغاء تصنيف ترامب جماعة الحوثي “جماعة إرهابية”، مؤكدة أن هذا القرار لا علاقة له بنظرتها للحوثيين “وسلوكهم المستهجن”.
مكاسب ميدانية سريعة
يعتقد الصحفي اليمني مصعب عفيف أن الهجمات على مأرب والحديدة هي محاولة حوثية لـ”تحقيق مكاسب ميدانية سريعة قبل دخول أي جولة مفاوضات قادمة، قد تدفع بها إدارة بايدن والأمم المتحدة”.
وأوضح في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن ما يحدث “هو تصعيد تمارسه الجماعة مع كل زخم سياسي وحراك دبلوماسي خلال سنوات الحرب، حيث يعتقد الحوثيون أن شن هجمات عسكرية واسعة وتحقيق مكاسب ميدانية يعزز من شروطهم السياسية”.
لكنه أشار أيضاً إلى أن النهج الذي يتبعه بايدن وإدارته مع طهران “سيشجع الحوثيين على شن مزيد من الهجمات على السعودية بايعاز إيراني، لتدخل طهران أي مفاوضات حول الاتفاق النووي بشروط أفضل نتيجة استهداف شركاء الولايات المتحدة في المنطقة”.
ويجدد تأكيده أن “تصعيد الحوثيين يأتي لتحسين شروط طهران التفاوضية، ومن ثم تحسين شروط الجماعة”.
ويضيف: “السلام مع الحوثيين لن يتم ما لم يقدم الدعم الدولي الكامل للحكومة والتحالف لانتزاع مدينة الحديدة، الشريان الاقتصادي والمتنفس الأخير للحوثيين”، مشدداً بقوله: إنه “من دون انتزاع الحديدة لن يخضع الحوثيون لأي سلام أو أي اتفاق سياسي، كما حدث في اتفاق استوكهولم”.
ليس بجديد
من جانبه يؤكد الباحث السياسي عبد ربه الشايف أن التصعيد الحوثي تجاه مأرب “ليس بجديد؛ فمنذ 2014 تحاول المليشيات الوصول والسيطرة على مأرب”.
وأوضح أن سبب هذه الهجمات المتكررة “ما تمثله مأرب من أهمية عسكرية وسياسية بصفتها معقل الدولة وحصنها الأخير للحيلولة دون إحكام المليشيات قبضتها على اليمن”.
ويوضح لـ”الخليج أونلاين” قائلاً: “بعد سقوط محافظة الجوف وسيطرة المليشيات على ما تبقى من البيضاء مستفيدة من اتفاق استوكهولم الذي منحها الأمان في الحديدة، ركزت المليشيات كل جهودها وهجماتها تجاه مارب”.
كما أرجع سبب الهجمات الأخيرة إلى “صعود إدارة بايدن إلى الحكم، وبسبب التصريحات التي أطلقتها إدارته بنيتها التراجع عن تصنيف الجماعة ووقف التعاون العسكري مع المملكة”.
ولأن الملف النووي الإيراني سيكون من بين الملفات الأبرز على طاولة الإدارة الأمريكية، يعتقد “الشايف” أن ذلك كان سبباً في دفع إيران “ذراعها العسكرية في اليمن للتصعيد من أجل الضغط على إدارة بايدن وكسب أوراق تفاوضية في الأيام القادمة”.
ويعتقد أيضاً أن التصعيد الحوثي على مأرب والسعودية “قد يدفع إدارة بايدن لمراجعة حساباتها في التعامل مع الملف اليمني”، لافتاً إلى أنه” لا يستبعد أن تتم مراجعة سلوكيات المليشيات الحوثية قبل البت في إلغاء التصنيف”.
اتفاق استوكهولم
وبين الحين والآخر تتزايد مطالبات شعبية ورسمية في اليمن بإلغاء اتفاق استوكهولم، الموقع بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، بالتزامن مع تصاعد هجمات الحوثيين بمأرب والحديدة.
في ديسمبر 2018، وقعت الحكومة والحوثيون اتفاق استوكهولم، بعد مشاورات في العاصمة السويدية، برعاية الأمم المتحدة.
كان الهدف الرئيسي من الاتفاق هو حل الوضع المضطرب، ووقف المواجهات العنيفة آنذاك في محافظة الحُديدة، التي تحوي ميناءً استراتيجياً يسيطر عليه الحوثيون حتى اليوم، ويستقبل قرابة 70% من واردات اليمن، كأكبر منفذ حيوي في البلاد.
ورغم أن الاتفاق كان الهدف منه أيضاً، ولو بشكل غير معلن، أن يعمل على التهدئة في كافة أرجاء اليمن، واتخاذ الوضع في الحُديدة كنموذج لهدنة شاملة، فإن هناك اتهامات للحوثيين بتحويل قواتهم إلى جبهات أخرى عن طريق استغلال اتفاق استوكهولم، ونجحوا في السيطرة على معظم جبهة نهم شرقي صنعاء (شمال)، ومدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف (شمال)، ومناطق في جبهات أخرى.
المصدر/ يوسف حمود – الخليج أونلاين