الشبكة المدنية/ رصد ومتابعات
تصاعد للهجمات الإرهابية الحوثية على السعودية، يضع الولايات المتحدة الأمريكية أمام ضرورة مراجعة حساباتها في التعامل مع الملف اليمني.
فالمتتبع للخط الزمني للاعتداءات الحوثية على المملكة، يقف على حقيقة أن المليشيا الانقلابية صعدت من وتيرة إرهابها عقب إعلان واشنطن نيتها المضي بإجراءات رفعها من قوائم الإٍرهاب.
تصعيد يشي بأن الردع الأمريكي بات أكثر من ضروري من أجل سلامة اليمن والمملكة والمنطقة، وذلك عبر التراجع عن خطوة يحذر محللون من أن تمنح المليشيا الوقت والمجال لضرب الأمن الإقليمي، وتقويض جهود إحلال السلام والاستقرار.
وفي وقت سابق الخميس، أعلن التحالف العربي بقيادة السعودية، اعتراض وتدمير طائرة مسيرة مفخخة أطلقتها مليشيا الحوثي باتجاه مدينة خميس مشيط جنوب غربي المملكة.
وجاء الاعتداء بعد ساعات من استهداف الحوثيين مطار أبها الدولي بنسخة من طائرة “أبابيل تي” المسيرة إيرانية الصنع، وذلك ضمن سلسلة هجمات إرهابية تستهدف المملكة.
تصعيد
منذ إعلان إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، قبل نحو أسبوع، البدء بإجراءات إلغاء قرار تصنيف ميلشيات الحوثي “جماعة إرهابية”، تصاعدت هجمات الميلشيا المدعومة من إيران ضد الأعيان المدنية في السعودية.
وخلال الأيام الخمسة الماضية فقط، تم اعتراض وتدمير ما مجموعه 8 طائرات دون طيار مفخخة، أطلقتها مليشيا الحوثي الإرهابية بطريقة ممنهجة ومتعمدة، لاستهداف الأعيان المدنية والمدنيين جنوبي المملكة، بينها 4 طائرات تم اعتراضها الأحد الماضي، وطائرة الاثنين وطائرتين أمس الأربعاء، وطائرة اليوم الخميس.
وإضافة لتلك الهجمات، أعلن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن أن المليشيا استهدفت مطار أبها الدولي في السعودية، الأربعاء، مؤكدا السيطرة على حريق نشب في طائرة مدنية جراء الاعتداء.
وتبنى الحوثي المدعوم من إيران، هجوم مطار أبها السعودي، فيما اعتبرته الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، جريمة حرب مكتملة الأركان.
كما سجلت حكومة اليمن ارتكاب مليشيات الحوثي نحو 12 اعتداء بواسطة الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على مدينة مأرب فقط منذ الأحد الماضي.
أرقام تؤكد أن الإرهاب الحوثي تصاعد داخل اليمن وضد الأعيان المدنية بالسعودية، منذ إعلان إدارة بايدن اعتزامها التراجع عن تصنيف الحوثي “كيانا إرهابيا” .
كما تؤكد تلك الهجمات أن السجل الأسود في استهداف المدنيين ازداد دموية وعنفا، في مؤشر واضح على أن الحوثيين أساؤوا فهم وتفسير تصريحات الإدارة الأمريكية بشأن تعاملها مع الملف اليمني، واستغلوها ذريعة للتصعيد لتحقيق الأجندة الإيرانية في اليمن.
ويرى مراقبون أن التصعيد الحوثي الأخير يستهدف تحقيق عدة أهداف خبيثة، بينها ابتزاز المجتمع الدولي وزيادة الضغط عليه لقبول الحوار مع إيران وفق شروطها، وذلك عند الشروع في أي مفاوضات حول الاتفاق النووي.
فاستهداف مطار أبها يأتي لاستفزاز التحالف العربي ودفعه للرد بغارات جوية سيحاول الحوثيون خلالها استخدام المدنيين دروعا بشرية، كما اعتادوا على ذلك، ومن ثم المتاجرة بدماء الضحايا لابتزاز السعودية وتأليب الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي.
كما أن الهجمات، بما فيها تلك التي تستهدف الداخل اليمني وخصوصا مأرب والحديدة، تأتي في إطار محاولة المليشيا تحقيق مكاسب ميدانية قبل دخول أي جولة مفاوضات قادمة قد تدفع بها إدارة بايدن والأمم المتحدة، وتعزيز موقفها التفاوضي.
تعهدات وتحذيرات
وكانت إدارة بايدن أعلنت عزمها إعادة النظر في عملية تصنيف جماعة الحوثي في قائمة الإرهاب، بزعم مخاوف تأثير التصنيف على الوضع الإنساني في اليمن.
وفي أعقاب ذلك، صعدت مليشيا الحوثي هجماتها لتدمير اليمن والعبث بمقدراته وتهديد أمن واستقرار المملكة، عبر إطلاق الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة الإيرانية الصنع ضد المدنيين.
الهجمات المتتالية قابلتها إدارة بايدن بتعهدات متتالية للتأكيد على موقفها المتمسك بتعزيز أمن المملكة، كان أحدثها ما جرى خلال مباحثات هاتفية جرت، الأربعاء، بين وزيري الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، والأمريكي أنتوني بلينكن، والتي تم خلالها تناول أبرز المستجدات في المنطقة، وعلى رأسها الهجوم الإرهابي الذي شنته مليشيا الحوثي ضد مطار أبها الدولي.
وأكد بلينكن أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هجمات المليشيات على السعودية، مشددا على أن واشنطن لا تزال ملتزمة بتعزيز دفاعات السعودية والعمل على إيجاد تسوية سياسية للأزمة اليمنية.
تعهدات يتطلب تفعيلها الاستماع للحكومة اليمنية الشرعية، التي حذرت من التراجع عن تصنيف الحوثيين كيانا إرهابيا، مؤكدة أن الخطوة ستطيل أمد الحرب وستكون بمثابة هدية من السماء لنظام طهران.
وأعرب وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، عن الأسف وخيبة الأمل حيال “التوجهات للتراجع عن تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية”.
واعتبر أن ذلك “سيرسل إشارات خاطئة للانقلابيين وخلفهم إيران بمواصلة نهج التصعيد والجرائم والانتهاكات ضد المدنيين.”
وحذر من أن التراجع يعني أن يستمر الحوثيون في سياسات نشر الفوضى والإرهاب في المنطقة، وتحدي إرادة المجتمع الدولي في إنهاء الحرب وإحلال السلام العادل والشامل وفق المرجعيات الثلاث.
المراجعة ضرورية
تحذيرات تؤكد أن قراءة إدارة بايدن حول إعادة النظر في عملية تصنيف جماعة الحوثي بقائمة الإرهاب، بزعم مخاوف تأثير التصنيف على الوضع الإنساني في اليمن، تحتاج إلى مراجعة؛ كون الخطر الأساسي على استمرارية تدهور الوضع الإنساني تتحمله المليشيا الانقلابية نفسها.
كما أن الأرقام والحقائق تثبت أنه لن يكون أحد في العالم أحرص على مراعاة الجانب الإنساني في اليمن أكثر من السعودية التي تواصل مساعيها الحثيثة لرفع معاناة الشعب اليمني الشقيق ودعم اقتصاده.
كما أن تصنيف الحوثي إرهابية من شأنه تحييد خطر المليشيا، ووقف تزويدها بالصواريخ والطائرات دون طيار والأسلحة النوعية والأموال، لاستهداف الشعب اليمني وتهديد الملاحة الدولية ودول الجوار.
كما يؤكد محللون أن هذا التصنيف سيكون المحرك الأساسي لدعم وإنجاح الجهود السياسية القائمة، وسيجبر قادة الميليشيا على العودة بشكل جاد لطاولة المشاورات السياسية.
/ أحمد نصير – العين الإخبارية