أكد بحث أجرته منظمة “أوكسفام” الخيرية أن ما يقرب من عائلتين من كل خمس عائلات في اليمن تشتري الغذاء والدواء بالدين، وفقا لما ذكر موقع “ريليف ويب”.
وبحسب الدراسة، يقدر أصحاب المتاجر اليمنيين أن عدد الأسر التي تستدين لشراء الغذاء قد ارتفع بنسبة 62 في المئة منذ بدء النزاع في اليمن في العام 2015، فيما أوضح الصيادلة أن نسبة من يشتري الأدوية بالدين قد ازدادت بنسبة 44 في المئة.
أرقام مخيفة
ويحتاج حاليا نحو 24.3 مليون يمني، أي أكثر من 53 في المائة من السكان، إلى المساعدات الإنسانية، حين سيعتمد 16.2 مليون يمني هذا العام على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة، ناهيك عن افتقار 17.9 مليون شخص إلى الرعاية الصحية في بلد لا يعمل فيه سوى نصف المرافق الصحية بشكل كامل.
وتشير التقديرات إلى أن واحداً من كل خمسة أطفال في اليمن يعاني سوء التغذية الحاد، وسينمو العديد منهم مع أمراض مزمنة وحادة إذا لم يحظوا بالطعام في وقت المناسب.
وأوضحت الكثير من العائلات أنها لا تستطيع الشراء بالدين من البقالات والمتاجر، ما لم يقدموا إثباتات للبائعين أنهم قادرين على السداد بشكل ثابت، أي يحصلون على مساعدات مادية شهريا من المنظمات الإنسانية.
بين الموت جوعا.. أو قتلا
وفي العام الماضي، لم تقدم الجهات المانحة سوى نصف أموال المساعدات اللازمة لأكبر أزمة إنسانية في العالم، وفي هذا الصدد تقول ليلى منصور، 31 عاماً، إنها اضطرت إلى الفرار من مدينة الحديدة مع عائلتها قبل ثلاثة أعوام خوفا على حياتهم من المعارك المستعرة هناك.
وقالت إنهم تمكنوا بالخروج ببضعة أكياس في فيها القليل من الملابس، مشيرة إلى أنهم يحصلون حاليا على طعامهم وغذائهم من المتاجر بالدين، وأنها كل شهر تكون مدينة بحوالي 11 إلى 15 دولار أميركيا (10 آلاف إلى 12 ألف ريال يمني).
ونوهت إلى أن عائلتها لا تستطيع تحمل ثمن اللحوم أو الأسماك إلا في مناسبات نادرة، مردفة: “في هذه اللحظة نعيش كابوساً. والحمد لله، حتى الآن، لم نكن بحاجة إلى أي نوع من العلاج الطبي، وأخشى أننا لن نقدر على تحمل كلفته إذا أصاب أحدنا مرض أو طارئ صحي”.
وقال إبراهيم الوزير الذي أجرى البحث لصالح أوكسفام في اليمن: “توجد معاناة صعبة يمر بها الناس من أجل توفير الغذاء والدواء لعائلاتهم، ونستطيع التغلب على هذه الصعاب عبر تحقيق السلام في البلاد، حتى لا يجبر المزيد من اليمنيين على الفرار من ديارهم والعيش في فقر. إن السلام سيسمح للناس بإعادة بناء حياتهم وأعمالهم”.
وتابع: “ولكننا بحاجة إلى الدعم لمساعدة المجتمعات المحلية على القيام بذلك. لقد حولت هذه الحرب بلدي إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم، وهي تزداد سوءاً. نحن جميعا نريد فقط أن نعود إلى الحياة الطبيعية”.
بانتظار الفرج والمساعدات
وتقول العديد من الأسر التي تعاني من الديون إنها تعيش بشكل دائم على الدين، وبانتظار وصول مساعداتهم الشهرية لسداد جزء من مستحقاتهم للتجار والباعة، مشيرين إلى أن الأمور تزداد صعوبة مع ارتفاع مستوى التضخم وانخفاض قيمة العملة الملحية، مما يعني أن نفس مبلغ المساعدة سيشتري كميات أقل من الأغذية والأدوية.
هند قاسم، 45 عاماً، كانت حاملاً بطفلها العاشر عندما قُتل زوجها بقذيفة مدفعية مما أجبرها على الفرار مع أطفالها.
في البداية، كانوا يعيشون تحت غطاء بلاستيكي، معتمدين على بقايا الطعام الذي يحصلون عليه من العائلات المجاورة، لافتة إلى أن ثلاثة من أبنائها يعانون فقر الدم المنجلي ويحتاجون إلى نقل الدم كل شهر.
وقالت: “الآن، أتلقى 45 ألف ريال كل شهر (حوالى 70 دولار أميركي) كل شهر، ومع أنه لا يكفي لتغطية جميع احتياجاتنا، ولكنه يساعد كثيراً. فالآن أستطيع أن أدفع ثمن علاج أطفالي وأشتري بعض الطحين والخضروات، وتسمح لنا المتاجر الآن بشراء منها بالدين لأننا نتلقى مساعدة شهرية”.
“لا خيار آخر”
وقال بعض أصحاب محال الأغذية والصيدليات إنهم يوافقون على البيع بالدين لأنهم يتعاطفون مع الظروف القاسية التي تواجه الناس، مشيرين إلى أنه من ناحية إنسانية لا يريد أن يشعر الصيادلة بأنهم كانوا السبب في وفاة إنسان جراء منع الدواء عنه.
وقال صاحب محل البقالة عبد الكريم صلاة من صنعاء: “لم يعد أمامنا خيار البيع بالدين، فالناس يائسون، ونحن نكافح للحفاظ على استمرار العمل. في حين أن البعض قادر على الدفع، والبعض الآخر لا يستطيع ذلك، وهذه مشكلة”.
وزاد: “نحن نوافق فقط على البيع للأشخاص الناس لهم مصدر دخل موثوق به، مثل الموظفين، وأصحاب الأعمال، والعمال بأجر يومي أو أولئك الذين يتلقون المساعدات الإنسانية، وإلا ستكون خسارة كبيرة بالنسبة ولا يمكننا تحملها.
نحن بالكاد قادرون على تغطية التكاليف التشغيلية وأثمان السلع التي نبيعها. إنه أمر مؤسف”.
وقال أصحاب محلات البقالة إن الشراء بالدين يتضمن في معظم الأحيان الحصول على السلع الأساسية مثل الخبز والدقيق والسكر والأرز والبقوليات وزيت الطهي.
وفي الصيدليات، عادة ما تستخدم الديون لشراء أدوية لمرض السكري وارتفاع ضغط الدم أو للحمى والإسهال في المناطق الريفية.
بالمقابل أكد بعض التجار المعنية تراكم الديون على زبائنهم يزيد بضعهم في مواقف وأوضاع مادية حرجة مع تقدم الوقت خاصة وأن الكثير من الفقراء وضع الديون باتوا غير قادرين على سداد ما عليهم كل شهر.
وبحسب بعض المنظمات الإنسانية فإنه إذا توقف أصحاب المتاجر والصيدليات عن العمل بنظام “الدفع الآجل” فإن ذلك سيؤدي إلى انقطاع الطعام والدواء عن أعداد كبير من اليمنيين، وبالتالي حدوث ارتفاعات جديدة في مستويات سوء التغذية.
نقلا عن/ الحرة