الشبكة المدنية/ الحرة
لم تمض سوى ساعات حتى أعلن الحوثيون رفضهم مبادرة السعودية الجديدة لإنهاء الحرب في اليمن، في موقف يرى مراقبون أنه يخضع بشكل واضح للضغوط الإيرانية على الجماعة المسلحة، وهو ما ينفيه مقربون من الحوثيين.
وعرضت السعودية على الحوثيين، الاثنين، خطة لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد وإعادة فتح خطوط جوية وبحرية.
وتتضمن المبادرة التي أعلنها وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، إعادة فتح مطار صنعاء، والسماح باستيراد الوقود والمواد الغذائية عبر ميناء الحُديدة، وكلاهما تحت سيطرة الحوثيين المتحالفين مع إيران.
ووجدت المبادرة السعودية ترحيبا دوليا من دول عظمى ومن الأمم المتحدة، لكن وحدهم الحوثيون، ومن ثم الايرانيون، هم من رفضوا عرض الرياض، ووضعوا عدة شروط للموافقة.
اشترط الحوثيون “إنهاء الحرب ورفع الحصار بشكل كامل وفقا لتصريح للناطق باسمهم، محمد عبد السلام، وف ما أوردت قناة “المسيرة”، الاثنين.
بالمقابل أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن “إيران تدعم أي خطة سلام”، لكنها حددت شروطا لقبولها.
وقالت في بيان، الثلاثاء، إن “خطة السلام اليمنية يجب أن تقوم على أساس إنهاء الحرب ووقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، ورفع الحصار الاقتصادي، وبدء المحادثات السياسية وتسليم السلطة لليمنيين من دون تدخل خارجي، لرسم مستقبلهم السياسي”.
ويقول الصحفي اليمني، حميد رزق، إن “الحديث عن رفض الحوثيين للمبادرة كلام غير دقيق، فنحن نرحب بأي مبادرة جادة لوقف الحرب وإحلال السلام، لكن المبادرة لم تستوف الشروط، ولم تكن جدية”.
ويعتبر رزق في حديث لـ “موقع الحرة” أن المبادرة السعودية بـ”المناورة التي يحاولون من خلالها الظهور بمظهر الطرف المحايد والراعي لعملية السلام بين الأطراف اليمنية”.
ويعتقد رزق أن نجاح المبادرة السعودية “يتوقف على خطوتين أساسيتين” تتمثلان في “صدور قرار واضح بوقف الحرب والحصار على الموانئ والشواطئ والمطارات وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية”.
ويرى الحوثيون أن فتح كل المجالات الجوية والبحرية في اليمن، وهي تحت السيطرة السعودية، شرطا أساسيا لأي عملية حوار.
ولايبدو أن السعوديين مستعدون للخضوع لشروط الحوثيين، كما يرى المحلل السياسي السعودي، سليمان العقيلي، الذي يشير إلى أن اليمن “عبارة عن أزمة متكاملة، لا يمكن فصل أجزائها عن بعضها البعض”.
ويقول العقيلي لـ “موقع الحرة” أن الحرب في اليمن “سببها أزمة سياسية، قادت لأزمة عسكرية، ولحرب أهلية ولدت بدورها أزمة انسانية”، مضيفا أن “الأمر متاشبك ومتداخل، ولا يمكن علاج ملف من دون بحث الملف الآخر”.
ويربط العقيلي نجاح المبادرة من عدمه بطبيعة الضغوط الدولية التي يمكن أن تمارسها القوى العالمية الكبرى على الحوثيين.
ويشدد على أن “القوى الدولية الكبرى يجب أن تتخذ إجراءات سياسية وغيرها، سواء عن طريق مجلس الأمن أو عقوبات اقتصادية أو تهديد من أي نوع آخر على الحوثيين، لمعاقبة الرافضين للتسوية وإيقاف الحرب وحل المشكلة الإنسانية”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يرفض فيها الحوثيون مبادرة سعودية، فقد كانوا قد أعلنوا في أبريل الماضي الموقف ذاته عندما عرض التحالف العسكري بقيادة السعودية وقفا موقتا لإطلاق النار في اليمن، بهدف منع انتشار فيروس كورونا. وقال الحوثيون في حينه أنها “مناورة سياسية”.
ومع ذلك يرى، بيتر سالزبري، المتخصص في شؤون اليمن في مجموعة الأزمات الدولية أن “العرض السعودي الأخير ورد الحوثيين يظهر أن الفجوة بينهما لم تتقلص كثيرا، لكنهم ربما باتوا أقرب قليلا”، كما نقلت عنه صحيفة وول ستريت جورنال.
وأضاف سالزبري قوله: “يبدو أن المقترح السعودي يعزز فكرة أنه يتوجب على الحوثيين تقديم تنازلات هنا. وهذا لن يلقى استجابة من المفاوضين في صنعاء”.
وبحسب سالزبري فإن “رد الحوثيين كان واضحا: يقولون إنه عرض قديم وإنهم، كانوا واضحين في موقفهم- إزالة كافة العوائق على الحركة في الحديدة ومطار صنعاء”.
ويرى الأستاذ في جامعة أوتاوا الكندية، توماس جينو، أن “السعودية تخسر الحرب، وتريد مخرجا”. ويشير جينو إلى أن الحوثيين “يسيطرون الآن على الأرض، لذا لا يجب توقع مرونة من جانبهم”.
ويقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، كيسي كومبز، إنه “على غرار وقف إطلاق النار في 2020، فإن (السعودية) تقدم نفسها كساعية للسلام (من دون) الخضوع لمطالب الحوثيين”.
وأضاف قوله: “مع العلم التام بأن الحوثيين سيواصلون القتال من أجل مأرب وإطلاق الصواريخ (على المملكة)، تراهن السعودية على أن تصور هذه الخطوة الحوثيين على أنهم المعتدون”.
وتقدم طهران الدعم للحوثيين، سواء على صعيد السلاح أو المستشارين العسكريين وغيرها من المواقف السياسية الداعمة لهم.
وتمر إيران حاليا بأزمة اقتصادية خانقة سببتها العقوبات الأميركية المفروضة عليها منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018.
وتحاول الإدارة الأميركية الجديدة إعادة إحياء هذه الاتفاق، لكن ليس قبل أن تقوم طهران بالوفاء بالتزامتها النووية، التي تخلت عنها بعد الانسحاب الأميركي.
ويقول العقيلي إن “الايرانيين يحاولون ربط الأزمة اليمنية بالملف النووي، ويعملون جاهدين من أجل عدم تقديم أي تنازل في اليمن، إلا بعد الحصول على مكاسب في ملف آخر، سواء ما يتعلق بنفوذهم في العراق وسوريا ولبنان أو فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية”.
ورغم أن الصحفي اليمني، حميد رزق، يقر بوجود تنسيق في المواقف بين الحوثيين من جهة والإيرانيين ودول أخرى من جهة ثانية، إلا إن “الحديث عن أن الحوثيين هم أداة بيد طهران كلام غير دقيق، لأننا لا نخضع تماما لقراراتها (إيران)” .