حذر سياسيون ومسؤولون يمنيون من خطورة مطالب مليشيا الحوثي الرامية لرفع الرقابة الأممية والتحالف العربي، على مطار صنعاء وميناء الحديدة.
وتسعى مليشيا الحوثي الانقلابية لتجزئة مبادرة السعودية بقبول فتح مطار صنعاء بزعم فصل الملف الإنساني عن العسكري والسياسي، وهو الجانب الذي دأبت المليشيا الانقلابية على استغلاله كغطاء لتهريب الأسلحة وتمرير الصفقات المشبوهة.
وتستهدف المليشيات الحوثية تكرار ذات المراوغة التي استخدمتها لتفخيخ وتجزئة “اتفاق ستوكهولم”، عندما عمدت لتنفيذ مسرحية انسحابات وهمية لشرعنة سيطرتها على موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف.
وحذر خبراء في تصريحات منفصلة لـ”العين الإخبارية”، من تداعيات تمكين مليشيا الحوثي من إدارة مطار صنعاء الدولي دون إشراف من قبل الأمم المتحدة والتحالف العربي، وهو ما يعني شرعنة الانقلاب وفتح الأجواء اليمنية أمام تدفق المليشيات الشيعية للقتال مع الحوثيين.
وأقرت المليشيات الحوثية بذلك بالفعل، وزعمت على وسائل إعلامها أنه في حال تم فتح مطار صنعاء سوف تكون أول خطوة فتح المجال أمام ما أسمتهم “أحرار العالم الداعمين لها” في إشارة لوكلاء إيران بالمنطقة.
وتؤكد قوائم مرور السفن التجارية حركة مستمرة لشحنات الإغاثة والدعم الإنساني عبر موانئ الحديدة، وهو ما يكذب ادعاءات المليشيات الحوثية التي تستند إليها في توصيف مطار صنعاء وميناء الحديدة بالممرات الإنسانية.
ما وراء فتح مطار صنعاء
ويؤكد سياسيون يمنيون أن مطالب واشتراطات المليشيات الحوثية لن تنتهي، إذ سعت لابتكارها دوما في كل مرحلة حوار أو تفاوض بهدف نسف المبادرات والمقترحات وتكريس توافقات بمكاسب جديدة للانقلابيين.
ويرى الناشط السياسي اليمني رشاد الصوفي، أن تصريحات مليشيا الحوثي عن الموانئ والمطارات باعتبارها منافذ إنسانية هروب من استحقاقات بحث مسارات السلام بوضع اشتراطات تصب في صالح شرعنة الانقلاب بدرجة رئيسية.
وقال الصوفي في تصريحات لـ”العين الإخبارية” إن مليشيا الحوثي لا تريد فتح مطار صنعاء من جانب إنساني كما تزعم وإلا لتم القبول بإشراف الأمم المتحدة على نقل المرضى والطلاب والمسافرين لدواعي إنسانية إلى الخارج لكن هدفها من فتح المطار هو “استقبال السلاح ومقاتلي المليشيات الإيرانية المختلفة في الخارج”.
وبشأن ميناء الحديدة، أشار الناشط اليمني إلى أن اتفاق ستوكهولم نص على تسليم موانئ الحديدة الثلاثة للحكومة اليمنية وانسحاب الحوثيين منها، لكن المليشيات لا تريد البناء عليه ولجأت للمطالبة من “مبادرة السعودية” بوضع جديد للموانئ لنسف الاتفاق السابق.
ولفت إلى أن المليشيات تسعى من خلال ترويج أكذوبة حظر الملاحة إلى ميناء الحديدة للتغطية على آلية الرقابة التي فرضتها الأمم المتحدة والتحالف العربي على شحنات النفط القادمة من إيران للحوثيين عبر الميناء الحيوي وبغطاء تجاري ويتم بيعها في الأسواق السوداء لصالح خزينة المجهود الحربي للانقلابيين.
ونوه الصوفي إلى أن ناطق الجماعة ورئيس وفد الحوثي المفاوض محمد عبد السلام، هو أحد أباطرة تجار النفط الإيراني إلى ميناء الحديدة عبر شركاته التي تعمل في هذا المجال، وتساءل: “كيف له أن يوافق على تقييد وتنظيم دخول سفن المشتقات النفطية لتلبية احتياجات القطاع المدني والاستهلاك العام؟”.
مراوغة دائمة
السياسي وعضو الحزب الاشتراكي اليمني، عادل البرطي، يشير إلى مراوغة ممنهجة تمارسها المليشيات الحوثية احبطت كل الاتفاقيات والمعاهدات ومبادرات وقف إطلاق النار منذ انقلابها الغاشم في 21 سبتمبر 2014.
وأرجع السياسي اليمني لـ”العين الإخبارية” عدم التزام مليشيا الحوثي بالاتفاقات إلى الأيديولوجية الحوثية التي ترفض الإيفاء بأي اتفاق لا يتناسب مع مشروعها التدميري.
وبشأن المبادرة السعودية، قال البرطي إن المليشيا الحوثية حاولت المراوغة في إظهار قبولها أو رفضها نتيجة لاختلاف الرؤى بين أجنحتها الأسرية ما دفع العقل المدبر للانقلابيين وهو مندوب إيران بصنعاء لإعلان موقف واضح من المبادرة وفقا لتوجيهات نظام خامنئي.
وأشار الخبير اليمني إلى أن المبادرة السعودية والتي يرى فيها السفير الإيراني أنها قد تلبي كثير من مطالب المليشيا الحوثية وتنهي الحرب البينية باليمن لكنها لن تكون ذات مصلحة لصاحب المشروع والقرار وهي إيران.
خطر التجزئة
بدوره، حذر سفير اليمن لدى بريطانيا ياسين سعيد نعمان، من أن تجزئة تطبيق “المبادرة السعودية” لا يفرغها من قيمتها فحسب وإنما يحولها إلى “مكون سلبي في المجرى العام للجهد الذي يستهدف إنهاء الحرب”.
وأكد نعمان، وهو سياسي يمني بارز، أن الوضع الطبيعي هو الأخذ والتعاطي الكامل مع مبادرة السعودية أو رفضها بالكامل.
وكتب على حسابه في موقع “فيسبوك” أن قبول المبادرة بالكامل يتم من حيث المبدأ مع تحسين بنودها بواسط التفاوض وأن لا يغير ” التحسين” من المحتوى العام.
أما التطبيق الجزئي الذي يسعى اليه الحوثيون، وفقا للمسؤول اليمني، فأنه سوف “يفضي إذا ما تم إلى كارثة تضاف الى كارثة اتفاق الحديدة بموجب اتفاق ستوكهولم”.
من جهته، أكد مستشار الرئيس اليمني عبدالملك المخلافي أن مليشيا الحوثي أثبتت بوضوح أنها لا تريد فتح مطار صنعاء إلا لتحقيق أهدافها الانقلابية وأنها لاتهام بشكل مطلق بمعاناة المواطنين.
وأشار المسؤول اليمني في سلسلة تدوينات على موقع “تويتر” إلى أن مليشيا الحوثي تمارس الابتزاز بالمعاناة الإنسانية، لكنه لا يقبل حلها حلا إنسانياً وإنما يطالب بحل سياسي يحقق أهدافه السياسية والعسكرية والمالية.
ويعتقد الحوثيون أنهم سوف يحصلون على مكافأة على ما قاموا به من دمار في اليمن، من خلال وضع أفضل في مطار صنعاء يكون أعلى بكثير من مطار عدن والسماح برحلات لأغراض عسكرية وخدمة لأهداف مشبوهة، وفقا لمستشار الرئيس اليمني.