الشبكة المدنية/ العين الإخبارية
“أنا نازح”.. بهذا الجواب اكتفى طفل يمني شردته مليشيا الحوثي للرد عن سؤال: ما اسمك؟
وأثار الرد العفوي للطفل أسئلة عميقة حول مصير آلاف الأطفال الذين ولدوا في مخيمات النازحين منذ الانقلاب الحوثي قبل 7 أعوام هي سن أكبر أبناء المخيمات عمرًا.
وترك رد الطفل “نازح” انطباعات صادمة ومؤلمة لدى حقوقيين ونشطاء يمنيين عقب مشاهدة جواب الطفل في “العين الإخبارية”.
وتحدث حقوقيون عن وصول أزمة النازحين إلى منحنىً خطير يتمثل في معضلة هوياتية معقدة لدى أطفال المخيمات، بحيث يتحول النزوح إلى هوية بديلة تزداد خطورتها كلما طالت أمد حرب الانقلاب الحوثي.
ويعيش الطفل “النازح” في مخيمات النازحين بمحافظة مأرب منذ أن شرّدت مليشيا الحوثي أسرته من قريتهم للمرة الأولى، ثم تكرر تشريدهم لعدة مرات عقب قصف مخيمهم خلال محاولات اجتياح مليشيا الحوثي للمحافظة منذ فبراير/شباط الماضي.
وتأوي مأرب مليونين و231 ألف نازح يتوزعون على أكثر من 90 مخيماً تضم ما نسبته 60% من النازحين في اليمن، أصبحت حياتهم مهددة جراء تواصل الهجمات الحوثية على المخيمات.
فاتورة التهجير
لم تحرم مليشيا الحوثي اليمنيين من منازلهم وقراهم فحسب، بل تمادت لتهجر النازحين من مخيماتهم، في تغريبة تراجيديّة مريرة.
وأمست مئات الأسر النازحة تفترش العراء وتلتحف السماء بعد أن لاحقتها قذائف وصواريخ مليشيا الحوثي من مخيم إلى آخر، حيث نزحت معظم الأسر للمرة الثالثة على التوالي.
ويؤكد رئيس المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، خالد عايش، أن الأطفال النازحين يدفعون الفاتورة الأكبر لعمليات التهجير الممنهجة، والتي تهدف مليشيا الحوثي من خلالها لإحداث تغيير ديموغرافي على أسس طائفية.
ويشير الحقوقي اليمني في حديثه لـ”العين الإخبارية”، إلى أن الآثار المترتبة على عمليات التهجير تتضمن تشويه الهوية الوطنية والانتماء للأرض لدى جيل من النشء، وذلك بصورة انتقامية ضد الجغرافية المناهضة للتمدد الإيراني.
ووفقاً لخالد عايش، فإن الآثار النفسية التي راكمها وضع “النزوح” عند الأطفال، قد تخلف عقدًا طويلة الأمد تتمثل في أضرار معنوية جسيمة يصعب محوها مستقبلاً، وتترتب عليها معضلات اجتماعية.
جحيم الأطفال
وصنّفت منظمة الطفولة “اليونسكو” اليمن على أنه أسوأ مكان للأطفال في العالم، بناءً على مجموعة من المؤشرات لجهة عدد الأطفال القتلى والجرحى.
وتتعرض عشرات المخيمات في اليمن لقصف مدفعي تشنه مليشيا الحوثي، ولا تقتصر خطورة القصف على الأضرار المادية المباشرة بالنسبة للأطفال الناجين، بل تمتد الآثار النفسية والصحية لأصوات الانفجارات إلى أبعد من ذلك.
ويقول الأخصائي النفسي اليمني، إبراهيم الحداد، إن حرب الحوثي تؤثر على الأطفال اجتماعيًا ونفسيًا وتعليميًا، وتحول الأطفال إلى العمالة، وهو ما يتضمن مختلف الأضرار الصحية مع تعرض الطفل للاستغلال بشكل عام.
وتحدث الحداد لـ”العين الإخبارية” عن المضاعفات النفسية الكبيرة بالنسبة للأطفال ما دون الرابعة، ومنها أثر ما بعد الصدمة الناجم عن أصوات الانفجارات، وتتمثل تلك الآثار بمضاعفات صحية واجتماعية كالانطواء والتنمر والعصبية الشديدة.
وأشار إلى أنه إذا لم يتم علاج الآثار خلال الأشهر الأولى، قد تتحول إلى مشاكل أكثر من ذلك، وأحيانًا تحدث انتكاسة من ضمنها الاكتئاب والخوف والقلق والفوبيا.
وحذر الأخصائي اليمني من أن حرب مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا تجعل المجتمع يحبو نحو الأمية، بسبب تسرب معظم الأطفال من المدارس، جراء النزوح وبالتالي اضطرار الأطفال للعمل لإعانة وإعادة أسرهم.