الشبكة المدنية/ العين الإخبارية
لم تسلم مناجم الفحم التقليدية في محافظة تعز من أيادي الخراب الحوثية، التي فخخت المناجم بألغام وعبوات تقتل كل مَن يحاول العمل بها.
يعمل سكان منطقة “برح العريش” منذ سنوات عدة في صناعة الفحم النباتي المستخرج من أشجار السمر المنتشرة بكثرة في تلك المنطقة الواقعة غربي تعز، وبيعها في الأسواق المجاورة، إلى جانب رعي الماشية.
تتم عملية صناعة الفحم التقليدية من خلال قطع الأشجار وتركها فترة تحت أشعة الشمس وبعد ذلك يتم تجميع أخشابها في أكوام متماسكة وتغليفها بجذور أشجار الموز ثم إشعال النار فيها وردمها بالتراب وترك فتحات تهوية لخروج الدخان حتى تنتهي عملية احتراق الأخشاب، وبعد أيام يتم إزالة التراب وتجميع الفحم وبيعه في الأسواق.
ورغم أن حياة صُنَّاع الفحم “شاقة”، حيث الحياة وسط الأدخنة المنبعثة من الحطب المحترق من أجل بيعه لاحقاً بمردود مالي ضئيل لتغطية احتياجاتهم اليومية، إلا أنهم كانوا يقتاتون ويعيشون من عملهم في هذه المناجم.
إجرام حوثي
لم يشفع لهم فقرهم وعوزهم لدى المليشيات الإجرامية المدعومة من إيران، التي زرعت الألغام وسط تلك البلدة الريفية الفقيرة، ما أجبر سكانها على النزوح وترك مصدر دخلهم الوحيد.
وساعد قربهم من مديرية المخاء التي كانت قد نالت حريتها باللجوء إليها، وتوزع سكان تلك البلدة بين مخيمات عدة، وكان عبدالله قليهط وأسرته المكونة من أربعة أشخاص من بين النازحين الذين فروا من جحيم مليشيا الحوثي.
يقول قليهط لـ”العين الإخبارية” إن “برح العريش” أصبحت اليوم منطقة تفصل المناطق المحررة عن تلك التي لا تزال تحت سيطرة مليشيا الحوثي، وبالرغم من الهدوء الذي تعيشه تلك البلدة، إلا أن ألغام الحوثي تمنع السكان من العودة.
يعدد الرجل البالغ من العمر نحو 60 عاماً، حوادث الألغام التي أودت بحياة 6 أشخاص منذ بداية العام الحالي، بعدما قرروا مغادرة حياة النزوح والتشرد بالعودة إلى منطقتهم.
يوضح: “قتلت الألغام 6 أشخاص من بينهم مهندس يعمل في نزع ألغام المليشيا المرتبطة بإيران”.
مهنة متعبة
يعمل بعض سكان “برح العريش” في رعي الأغنام لكن غالبية السكان يعملون في صناعة الفحم وهي مهنة ذات مردود ضئيل ساهمت في جعل سكان تلك البلدة فقراء طوال حياتهم، بحسب قليهط: “حين قرروا العودة إلى منازلهم لأن ظروفهم المعيشية لا تسمح لهم بالبقاء طويلاً دون عمل، كانت ألغام مليشيا الحوثي لهم بالمرصاد”.
من بين أولئك الذين سقطوا مهندس يعمل في نزع الألغام، يعتقد “قليهط” أنه أراد تجنيب السكان العائدين مخاطر الموت ضمن فريق هندسي، لكنه سقط قتيلاً نتيجة زراعة المليشيات الألغام بطريقة عشوائية وفي أماكن لا تخطر على البال “تلك المآسي قطعت عنا حبل التفكير في العودة مرة أخرى “.
ويضيف عبدالله قليهط: “في أوقات كثيرة تداعب خيالنا أحلام العودة، وعندما نتذكر مخاطر الألغام تنتهي تلك الأحلام سريعاً، لا يمكن لأحد أن يعود إليها بعد سقوط أولئك الضحايا بمفخخات الموت الحوثية”.
ومما يعزز رغبة النازحين في العودة إلى الديار من جديد، الخيم المصنوعة من القماش والتي لا تتناسب مع طقس المناطق الحارة، ما يجعل السكن في خيمة أشبه بالبقاء داخل أفران ساخنة.
وبين حرارة الصيف الملتهبة في المدينة الساحلية التي نزحوا إليها ومفخخات الموت الحوثية في مناجم الفحم يفضل عبدالله ورفاقه الاستجارة بالرمضاء في مخيمات النزوح خشية الوقوع في نار المليشيات الغاصبة لأرضهم ومصادر رزقهم.