الشبكة المدنية/ العين الإخبارية
قبل حلول النهار، كان على السيدة العجوز سلامة إبراهيم أن تجمع أشيائها البسيطة مع أسرتها لترحل عن بلدتها الريفية في الحديدة اليمنية.
كان ذلك خيارا صعبا وحيدا للنجاة بأنفسهم، بعدما أحاطت مليشيات الحوثي منزل عائلتها ومزرعة النخيل التي تمتلكها بالألغام.
قطعت الأسرة مئات الأمتار في بلدة “الجاح” بمديرية الدريهمي الساحلية، على أمل أن تلتقي بسائق السيارة في مكان تم تحديده مسبقا، كان ذلك جزءا من الخطة التي تقتضي السرية حتى لا ينكشف أمر الأسرة من قبل مليشيات الحوثي المدعومة من إيران.
عند اللقاء أبلغهم السائق بعدم الحديث مع أفراد حواجز التفتيش الأمنية التابعة لمليشيات الحوثي، وترك الأمر له، وحاول السائق إيهام الميليشيات أنهم في زيارة عائلية، مع حرصه على العبور من طرق فرعية من أجل الوصول إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها جنوب محافظة الحديدة.
“مخيفة”، هكذا وصفت سلامة البالغة من العمر نحو 85 عاما لـ”العين الإخبارية” رحلة الهروب، “ظللنا ننظر للبعيد زمنا لا نهاية له على أمل الوصول”، وتابعت: “مررنا بطرق متعرجة صوب الجنوب، كنا أكثر قلقا من الحواجز الأمنية التابعة لمليشيات الحوثي، إذ عادة ما يطلق عناصرها على الأسر النازحة تهم مساندة الحكومة الشرعية والتحالف العربي”.
الهدف من ذلك – بحسب المرأة المسنة- ابتزازهم وإجبارهم على دفع مبالغ مالية لقاء السماح لهم بالعبور.
من حسن حظ عائلة سلامة أنها وصلت إلى الخوخة، وهي بلدة ريفية تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية جنوب الحديدة، ويقدم التحالف العربي للنازحين فيها، مساعدات غذائية وإيوائية.
تروى سلامة محنتها لـ”العين الإخبارية” من أمام مسكنها الجديد المبني في مخيم للنازحين: “كنا نعيش حياة وادعة، ولطالما كانت مزرعتنا التي تحتوي على 500 نخلة مصدرا لعيشنا.. نبيع ثمارها من التمور وننفق المال حتى الموسم التالي، إلى أن حلت علينا الكارثة”.
كان قدوم مليشيات الحوثي نذير شؤم كما تقول سلامة التي أوضحت: “أحاطوا المروج الخضراء بالألغام، شاهدنا ذلك بأم أعيننا، وعندما حاولنا ثنيهم، رفضوا الإصغاء، كان المسلحون كما لو أصابهم الصمم، لا يقبلون النقاش، وعلى استعداد لعمل أي شيء من أجل المضي في تنفيذ مخططاتهم”.
وتابعت: “لم يكن في وسعنا سوى التفكير في الرحيل بعد أن لامس خطر الألغام حياتنا، لم نكن على استعداد للمخاطرة بأرواحنا، وجئنا إلى هنا قبل عامين بعد أن تخلينا على كل شيء مقابل أن نحيا بأمان”.
وتستوطن سلامة “مخيم العليلي”، الذي يأوي مئات الأسر النازحة وجميعها خاطرت بالذهاب إلى هناك هربا من وحشية مليشيات الحوثي، وخلف كل أسرة مأساة كانت المليشيات المدعومة إيرانيا السبب الرئيسي فيها.