الشبكة المدنية/ العين الإخبارية
هرولت مجموعة من الأسر اليمنية فرحة بتخليص قراها الريفية من إرهاب مليشيات الحوثي، وعادت أخيرا إلى منازلها في غرب اليمن.
وتمكنت القوات المشتركة اليمنية، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، من تحرير القرى الريفية التابعة لمديرية حيس، جنوب محافظة الحديدة، وهو ما أسهم في عودة السكان إلى ديارهم.
لكن ما تركته مليشيات الحوثي لا يختلف عما كانت تصنعه بالسكان من جرائم قتل، إذ خلفت أدواتها المميتة في انتظار السكان العائدين والتواقين شوقا إلى منازلهم، بعد سنوات من التهجير وحياة النزوح الصعبة.
الألغام كانت إحدى أدوات الموت التي تستخدمها مليشيات الحوثي لإزهاق أرواح المدنيين المناوئين لأفكارها الطائفية، وهو ما فعلته في مديرية حيس، إذ زرعت الألغام المتعددة وسط المنازل والمساجد والمدارس والطرقات العامة والأودية.
فخاخ الموت
ويقول يعقوب عباس، أحد العائدين إلى منطقة القلمة لـ”العين الإخبارية”، إن أدوات الموت الحوثية لم تمنح السكان العائدين فرصة للفرح بعودتهم إلى حياتهم الطبيعية، وإنما تركت خلفها ما يبدل فرحتهم إلى أحزان؛ أفقدتهم فرحة النصر بالعودة إلى ديارهم.
يضيف عباس، أن سقوط ضحايا في القرى السكنية لحيس، لا سيما القلمة، المزارع، الحايط، المحرق، والنزالي والفش، والشعوب، والضريبه، بيت بيش، وبيت الحشاش، والعنب، والمبروك، جعلني أتوجس خيفة مما يكمن لنا تحت التراب.
وتابع: “أخشى أن تكون خطوتي التالية هي خطوة للموت، فالضحايا المدنيون الذين سقطوا خلال الشهرين الماضيين فضلا عن كميات الألغام التي استخرجتها الفرق الهندسية، تجعلك مرعوبا، مما وضعته مليشيات الحوثي، من ألغام وسط القرى المحررة؛ بهدف إفساد فرحة العائدين إلى ديارهم، وإلحاق الضرر بهم”.
ومن بين الحوادث التي أرعبت “عباس”، انفجار لغم أرضي من مخلفات مليشيات الحوثي في مواطن يسمى “سالم فتيني”.
فتيني البالغ من العمر نحو 70 عاما أحد المهجرين الذين عادوا إلى ديارهم، لكن لغما حوثيا مزق قدميه. الأشلاء المتناثرة كان لها وقع الصدمة لمن شاهدها، وتأثير الحادثة المميتة دفع بعباس إلى العودة لحياة النزوح مجددا، خشية أن يقع ضحية لأدوات الموت الحوثية.
ورغم الجهود التي تبذلها الفرق الهندسية لنزع الألغام فإن زراعتها بكثافة، فضلا عن عدم توفر خرائط لانتشارها، والسلوك الخبيث لمليشيات الحوثي بزراعتها في أماكن يصعب اكتشافها، صعب من المهمة.
حوادث صادمة
من بين الحوادث الأكثر رعبا، وفاة طفلين وإصابة ثلاثة آخرين وجميعهم من أسرة واحدة في انفجار لغم حوثي مموه على شكل لعبة أطفال، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
كانت الجريمة وحشية وصادمة، يقول محمد حميدان رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالمديرية لـ”العين الإخبارية”، مؤكدا أنها أرعبت المدنيين وأوصلتهم إلى نتيجة مفادها بأن البلدات التي عادوا إليها ليست آمنة.
ما أجمل أن تعود إلى المنطقة التي عشت فيها أجمل سنوات العمر بعد أعوام من النزوح والتهجير ومغالبة الحياة الصعبة، لكن الوصول إلى حقيقة أن المكان الذي عدت إليه ليس آمنا بالقدر الكافي، يشعرك بأن أحلامك تتبدد مرة أخرى، بحسب حميدان، حيث يحتاج إلى أشهر إضافية كي يكون جاهزا للعيش.
ولا يتوفر إحصاء دقيق بعدد الضحايا الذين سقطوا في تلك المناطق الريفية نتيجة ألغام الحوثي خلال الأشهر الثلاثة الماضية، والتي أعقبت تحريرها من قبضة المليشيات.