الشبكة المدنية/ الشرق الأوسط
سعياً لصناعة جيل كامل من معتنقي الأفكار المتطرفة للجماعة
لم تكتف الميليشيات الحوثية باستهدافها الممنهج طيلة سبعة أعوام ماضية لقطاع التعليم في العاصمة صنعاء وبقية مناطق سيطرتها، بل وسعت من حجم ذلك الإجرام ليشمل كافة منتسبي وكوادر ذلك القطاع الحيوي ضمن حملات شعواء، طالت في تعسفها مختلف قطاعات الدولة اليمنية.
وفي هذا السياق، تحدثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن بعض ممارسات الانقلابيين المرتكبة بحق هذه المؤسسات التعليمية والعاملين فيها، والتي تنوعت بين جرائم الفصل التعسفي من الوظيفة العامة، وعمليات استهداف وقمع وتنكيل وفساد، إضافة إلى إدراج الجماعة أخيرا لتعديلات طائفية على ما تبقى من مناهج التعليم.
وأوضحت المصادر أن الجماعة لا تزال تنتهج ذات الأسلوب التدميري بحق ما تبقى من المؤسسات التعليمية ومنتسبيها بكافة المناطق الخاضعة لها، مشيرة بذات الصدد إلى أن آخر تلك الانتهاكات تمثل باتخاذ الميليشيات قبل أيام إجراءات عقابية ضد مدرسة أهلية في صنعاء تحت مبرر إقامتها فعالية تتعارض مع ما تسميه الجماعة بـ«الهوية الإيمانية».
وطبقا لوثيقة حوثية تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد وجه القيادي في الجماعة المدعو عبد القادر المهدي المنتحل لصفة مدير مكتب التربية الخاضع لسيطرة الميليشيات في العاصمة صنعاء، كل القائمين على إدارة قطاع التعليم بمديرية السبعين يحضهم على اتخاذ إجراءات رادعة ضد مدرسة «منارات» الأهلية، وسرعة تغيير مديرتها خلال مدة زمنية حددها بأسبوع.
وبموجب ما ورد في ذات الوثيقة، وجه القيادي الحوثي جميع مسؤولي المديرية باقتصار المرحلة الثانوية على الطلاب فقط في تلك المدرسة وفصلهم عن البنات بحجة منع الاختلاط، وتوزيع الطالبات على المدارس الخاصة المجاورة، وتحويل المدرسة من قسم إنجليزي إلى قسم عربي.
وبررت الجماعة إجراءاتها التعسفية تلك بأن المدرسة لم تلتزم بالقواعد والشروط الحوثية المطلوبة عند إقامة أي فعالية، وتحججت أيضا بأن الفعالية تسيء للرسالة التربوية. في حين تحدث تربويون في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرض مديرة المدرسة والكادر التعليمي والطلبة لحملة ترهيب حوثية شرسة بسبب تنظيمهم للفعالية.
وقالوا إن تلك الممارسات جاءت عقب إقامة مدارس «منارات» فعالية احتفائية طلابية بهدف «التعرف على الثقافات». مشيرين إلى قيام الطالبات وأمهاتهن خلال الفعالية بتجهيز وجبات طعام من دول مختلفة، وكل مجموعة من الطالبات ارتدين اللبس التقليدي للدول المختلفة، ومنها الزي الفلسطيني والأردني وأخرى لدول شقيقة.
وعد التربويون تلك الإجراءات بأنها مجرد ذريعة حوثية مفضوحة، الهدف منها إقالة المديرة من منصبها، وتعيين أخرى موالية للجماعة بديلة عنها، خصوصا بعد رفض المديرة مرات عدة في السابق إقامة أي فعاليات داخل المدرسة تخدم الميليشيات، وتمجد مشروعها الإيراني، وتنشر ملازم مؤسسها حسين الحوثي.
وكشفوا عن وجود حالة من الغليان والغضب الشديدين في أوساط التربويين والمعلمين والطلاب في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة، نتيجة تصاعد حدة الجرائم والتعسفات الحوثية المرتكبة بحقهم ومؤسساتهم التعليمية.
في تعليق لها، قالت ناشطة حقوقية يمنية إن الميليشيات من خلال فصلها مديرة مدرسة بصنعاء بحجة تنظيم حفل طلابي تعتقد أنها تستطيع تثبيت سلطتها بمزيد من القمع والترهيب ومحاصرة الحريات والأنشطة المدنية. مشيرة إلى أن ذلك لن يحدث.
واعتبرت الناشطة زهراء باعلوي، في تغريد لها على «تويتر»، أن مثل تلك الممارسات المتكررة من شأنها أن تسهم في خلخلة ثباتهم في كافة مناطق سيطرتهم.
وذكرت أن محاولة الجماعة فرض ما تعتقده على كل فئات المجتمع وفرض نظام شمولي أحادي سينقلب وبالاً عليها بالنهاية، وأن أي مواجهة مفتوحة بين السلطة والمجتمع حتماً ستنتهي لصالح المجتمع.
وتواصلا لسياسات الانقلابيين التدميرية بحق مناهج التعليم بغية حرفها عن مسارها خدمة لأجنداتها المستوردة من طهران، أدانت مؤسسة دفاع للحقوق والحريات إدراج الميليشيات مؤخرا صورة مؤسسها ضمن المنهج الدراسي، وإضافة مواضيع تُلمع إجرامه، وترسم بطولات لقيادة الجماعة.
وعمدت الجماعة قبل فترة سابقة إلى إجراء تعديل جديد في كتاب اللغة العربية للصف الخامس الأساسي، وأدرجت صورة مؤسسها حسين الحوثي، إلى جانب مواضيع أخرى تخدم المشاريع والأجندات الحوثية.
وكانت الجماعة، وفي سياق حملات الاستهداف والتنكيل التي تمارسها بحق المؤسسات التعليمية والعاملين فيها بكافة مدن سيطرتها أصدرت قبل أيام عبر محكمة خاضعة واقعة تحت قبضتها في صنعاء حكماً قضى بإعدام مدير مدارس النهضة الحديثة فهد السلامي، الأمر الذي لاقى إدانة واستنكارا شديدين من قبل مواطنين وتربويين ومنظمات حقوقية محلية ودولية.
وكانت تقارير محلية وأخرى دولية اتهمت في وقت سابق الجماعة بمواصلة ارتكابها جرائم وانتهاكات أغلبها جسيمة بحق قطاع التعليم ومنتسبيه في عموم مناطق قبضتها، بالتوازي مع تحذيرات سابقة أطلقتها الحكومة اليمنية تحذر من مخاطر التعديل الذي أدخلته الميليشيات تباعا على المناهج التعليمية.