الشبكة المدنية/ news.un
دعا مسؤولان أمميان جماعة أنصار الله في اليمن إلى الإفراج فورا ودون قيد أو شرط عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية والقطاع الخاص المحتجزين لديها، والامتناع عن المزيد من الاعتقالات التعسفية.
جاء هذا أثناء جلسة عقدها مجلس الأمن اليوم الخميس استمع خلالها إلى إحاطتين قدمهما كل من مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن هانس غروندبرغ، ومديرة قسم التمويل والشراكات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ليزا دوتن.
حث المبعوث الخاص لليمن جماعة أنصار الله على التصرف بمسؤولية وتعاطف تجاه المواطنين، مضيفا “دعوهم يعودون إلى وظائفهم في خدمة اليمنيين، وتقديم المساعدات الإنسانية، ومساعدات التنمية، وبناء السلام، وحقوق الإنسان، والوساطة، وحماية التراث الثقافي”.
وكان غروندبرغ يتحدث عن الحملة المنظمة لاحتجاز الموظفين اليمنيين التابعين للأمم المتحدة والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية والبعثات الدبلوماسية وكيانات القطاع الخاص، حيث لا يزال العشرات من الرجال والنساء، من بينهم 13 موظفا من الأمم المتحدة، محتجزين في أماكن مجهولة.
وأشار كذلك إلى إغلاق الجماعة لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في صنعاء واقتحامه في 3 آب/أغسطس.
وقال غروندبرغ: “هذه إشارة مشؤومة إلى الاتجاه الأوسع الذي تسلكه جماعة أنصار الله وتمثل هجوما خطيرا على قدرة الأمم المتحدة على أداء ولايتها. إن حماية حقوق الإنسان تتعلق في الأساس بحماية مستقبل اليمن وحقوق وحريات اليمنيين”.
تهديدات بالعودة للحرب
وتطرق المبعوث الخاص لليمن إلى التصعيد الإقليمي قائلا إن “الشرق الأوسط يحبس أنفاسه حاليا”، معبرا عن أمله في أن يتم عكس المسار التصعيدي الذي شهدته الأشهر الماضية. وأشار إلى استمرار جماعة أنصار الله في مهاجمة السفن في البحر الأحمر رغم الجهود الجادة لحماية اليمن من هذا التصعيد الإقليمي.
وكرر الدعوة إلى الأطراف اليمنية، وأنصار الله على وجه الخصوص، إلى إعطاء الأولوية لليمنيين، مضيفا “مسؤوليتكم تنصب، أولا وقبل كل شيء، على اليمن. نحن بحاجة إلى تحويل التركيز مرة أخرى إلى اليمن وإيجاد حلول لمشاكل اليمن”.
وأشار إلى الوضع الداخلي في اليمن، منبها إلى أنه على الرغم من أن مستويات العنف على طول خطوط المواجهة تظل محصورة نسبيا مقارنة بالفترة التي سبقت هدنة عام 2022، “فإننا نواصل مشاهدة استعدادات عسكرية وتعزيزات مصحوبة بتهديدات مستمرة بالعودة إلى الحرب”.
إبقاء جميع القنوات مفتوحة
وقال غروندبرغ إنه بالرغم من “الصورة القاتمة” فإن الأطراف بدعم من المملكة العربية السعودية، تمكنت من وقف دورة خطيرة من التصعيد والتي كانت تؤثر سلبا على قطاعي البنوك والنقل في اليمن وهددت بإشعال صراع عسكري متجدد.
وكرر التأكيد على أهمية العمل نحو توحيد العملة، والبنك المركزي الموحد، وضمان خلو القطاع المصرفي من التدخل السياسي.
وشدد على أن مكتبه يظل عازما على إبقاء جميع القنوات مفتوحة ومواصلة الانخراط على مستويات وقضايا مختلفة بشأن الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد وترتيبات أمنية أخرى، والعملية السياسية، والإفراج عن المعتقلين المرتبطين بالصراع.
وقال المسؤول الأممي لأعضاء المجلس في ختام إحاطته: “إن رسالتكم المتسقة والموحدة حول أهمية العملية السياسية ووقف إطلاق النار، فضلا عن دعوتكم المستمرة للإفراج عن موظفي الأمم المتحدة، تشكل أهمية بالغة في هذه الأوقات المضطربة”.
بيئة أكثر تقييدا
مديرة قسم التمويل والشراكات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية جددت المطالبة بالإفراج عن موظفي الأمم المتحدة المحتجزين، مشيرة إلى ما وصفته بـ “التدهور المقلق” في البيئة التشغيلية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في الأسابيع الماضية.
وقالت دوتن: “إن البيئة في هذه المناطق أصبحت أكثر تقييدا، في وقت يكافح فيه العاملون في المجال الإنساني بالفعل لتلبية احتياجات ملايين الأشخاص في جميع أنحاء البلاد”.
وأكدت أن الأمم المتحدة وشركاءها في المجال الإنساني ملتزمون بالبقاء وتقديم المساعدات للشعب اليمني، لكنها نبهت إلى أنه يجب تلبية الحد الأدنى من المتطلبات لضمان قدرة موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من العاملين في المجال الإنساني على القيام بذلك دون الحاجة إلى المساس بسلامتهم وأمنهم.
قرارات صعبة
وتحدثت المسؤولة الأممية عن الأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت عدة محافظات في اليمن حيث تأثرت حوالي 695,000 أسرة بشكل مباشر وفقدت منازلها ومصادر رزقها، وقتل نحو 98 شخصا، فيما أصيب أكثر من 600.
وأفادت بأن الشركاء الإنسانيين قدموا مساعدات فورية منقذة للحياة، بما في ذلك الغذاء والمياه ومستلزمات النظافة ودعم المأوى للأسر المتضررة، كما قاموا بتسليم الإمدادات الطبية الحرجة للمستشفيات والمراكز الصحية المحلية ونشروا العشرات من فرق الصحة المتنقلة في المناطق المتضررة.
لكنها حذرت من أن الافتقار إلى التمويل الكافي لا يزال يقوض هذه الجهود وغيرها لمعالجة الاحتياجات الحرجة في جميع أنحاء اليمن.
وقالت: “بعد ثمانية أشهر من بداية العام، لم يتم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية المستهدفة ومحددة الأولويات لعام 2024 سوى بنسبة 27 في المائة، مما يجبر العاملين في المجال الإنساني على اتخاذ قرارات صعبة بشأن الأسر والمجتمعات الضعيفة التي ستتلقى الدعم”.
وأشارت دوتن إلى أن منع انتشار الكوليرا هو أحد المجالات التي تحتاج إلى أموال إضافية بشكل عاجل، وأضافت أن عدد الحالات المشتبه في إصابتها بالمرض في جميع أنحاء البلاد وصل إلى أكثر من 147,000، وهي زيادة كبيرة عن التقديرات الأولية.
ونقلت تحذير الزملاء في مجموعة الصحة من أنه ما لم يتم تعزيز جهود الاستجابة هذه على الفور، فقد يزيد عدد الحالات المشتبه بها ليصل إلى أكثر من 250,000 حالة في غضون أسابيع قليلة.
تداعيات انعدام الأمن الغذائي
وتطرقت المسؤولة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أيضا إلى استمرار تدهور الأمن الغذائي، حيث زاد الاستهلاك غير الكافي للغذاء بشكل مطرد، مما أثر الآن على 60 في المائة من الأسر التي تحدثوا إليها في جميع أنحاء البلاد.
وقالت دوتن: “تمتد آثار انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية المتزايد إلى ما هو أبعد من الجوع. كما أنها تُعرِض الأطفال، وخاصة الفتيات، لمعدلات متزايدة من الإساءة والإهمال”.
وأضافت أن 30 في المائة من الفتيات في اليمن يجبرن على الزواج قبل سن 18 عاما، “وهو أمر مثير للقلق”، حيث تكافح الأسر لتوفير احتياجاتهن.
وأشارت أيضا إلى أنه من المرجح أن يرتفع عدد الأطفال خارج المدرسة الذي يبلغ حاليا 4.5 مليون طفل، مع إجبار المزيد من الأطفال على ترك المدرسة للمساعدة في إعالة أسرهم.
وحذرت من تأثير هذا الأمر بالأخص على الفتيات المراهقات، حيث “لا يعرض مستقبلهن للخطر فحسب، وإنما يعرضهن أيضا لمخاطر أكبر من العنف القائم على النوع الاجتماعي”.
وقالت دوتن إن شعب اليمن لا يستطيع تحمل الخسائر المدمرة الناجمة عن المزيد من الصراع.
وأضافت: “قدرة اليمنيين على التعافي من الدمار الذي خلفه الصراع، ومعالجة الاحتياجات الإنسانية المتزايدة، واتخاذ خطوات ملموسة نحو مستقبل أكثر إشراقا واستقرارا، كل ذلك يعتمد على تأمين التقدم في تحقيق السلام”.